خطبة عيد الأضحي المبارك ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة عيد الأضحي المبارك، للشيخ عبد الناصر بليح.
لتحميل خطبة عيد الأضحي بصيغة word أضغط هنا
لتحميل خطبة عيد الأضحي بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة خطبة عيد الأضحي كما يلي:
خطبة عيد الأضحي، للشيخ عبد الناصر بليح
الحمد لله رب العالمين.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله القائل :” أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر “اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله وعلى آلك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً: أما بعد فيا عباد الله: “لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ”.
عباد الله :”إن يومكم هذا هو يوم عيد الأضحى والنحر وهو من أعظم أيام الله علي الإطلاق قال صلى الله عليه وسلم: “أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر”(أحمد وأبو داود ). ويوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر .
و هو يوم الحج الأكبر كما أخبر صلى الله عليه وسلم :”يوم النحر هو يوم الحج الأكبر.”(صحيح).
وسبب عظمته أن فيه من الأعمال الفاضلة الكثير كالوقوف بالمزدلفة ورمي جمرة العقبة الكبرى وحدها ولأن الحجيج يؤدون فيه معظم مناسك الحج ويحلقون رؤوسهم ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة ويسعون بين الصفا والمروة..
وهو يوم التضحية والفداء والتضحية لها معان كثيرة تضحية بالنفس وتضحية بالولد وتضحية بالمال وتضحية بالوقت والجهد ولنا في نبي الله إبراهيم عليه السلام القدوة والأسوة الحسنة ..
فعندما اشتاق إبراهيم إلى الولد فتوجه إلى ربه قائلا: “رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين “فاستجاب الله دعاءه فكانت البشرى من الله: “فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ”.
فأثنى على الله قائلا :”الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ “(إبراهيم/39).
وجاء موعد الاختبار الأول الذي يعلمنا الدرس العظيم وهو أن كل شيء في سبيل مرضاة الله يهون حيث أمر الله خليله إبراهيم أن يحمل زوجته هاجر وابنهما إسماعيل إلى أرض قاحلة لا حياة فيها ولا ماء: “رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ”
عباد الله:” ابنه الذي تمناه من الدنيا يتركه هكذا في الصحراء حيث لا أنيس ولا جليس وهو طفل رضيع يحتاج كل الحاجة إلى الرعاية لكنه أمر الله وكل شيء فى سبيل الله يهون ويتركهما تحت شجرة كما ثبت فى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: “قالت له بعد ذلك :آلله أمرك بهذا؟ تدبر لتتعلم الثقة فى الله واليقين فقال الخليل: نعم فقالت هاجر: “إذن لن يضيعنا الله أبداً وهو أرحم الراحمين..”
يا أخا الإسلام : طالما أن هناك رباً يدافع عنك ويحميك فلا تخشى أحداً فماذا فقد من وجد الله؟
ظلت هاجر بابنها إسماعيل في الصحراء وتشرب من الماء الذي معها في السقاء حتى نفد الماء فجعلت تهرول بين الصفا والمروة سبع مرات تبحث عن أسباب الحياة وفى أخر سعى سمعت صوتاً فإذا هي بجبريل عليه السلام يضرب بجناحه الأرض فنبع الماء بقدرة الله وكان ذلك ميلاد جديد للحياة هناك بمكة وبناء البيت العتيق..
ولما كبر الابن وشب وترعرع وصار يذهب مع أبيه أتته الرؤيا: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ؟”
الله أكبر ألهذا الحد يكون الاختبار إنه أصعب اختبار يمر في تاريخ هذه الحياة أن تذبح ابنك لو مات ابنك من بين يديك لكان أهون عليك أما أن تذبحه بنفسك فيا للصبر والجسارة والقدرة على تحمل تنفيذ أمر الله في ذلك ولأن كل شيء في سبيل الله يهون فمرحباً بتنفيذ أمر الله تعالي حتى لو كان ذبح الابن الذى ظل ينتظره سنين عدداً..
فماذا كان جواب الشاب الحليم ؟”قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”
أخوة الإسلام. “جاء الإسلام ليبين لنا أنه “
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ *** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ.
و التضحية من أجل الوالدين وبذل النصيحة لهما لابد أن يكون له مقابل: “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ” و”البر لا يبلي والذنب لا ينسي والديان لا يموت افعل ما شئت يا بن آدم فكما تدين تدان”.. وأن :”من بر والديه بره أبناؤه”.و: “من وقر والديه رزقه الله ولداً من صلبه يوقره”.
وخليل الله إبراهيم ضرب لنا أروع الأمثلة في هذا الأدب الجم واللطف مع أبيه حتى وإن كان علي غير دينه وملته. ففي سورة مريم عند ذكر الله تعالي لخليله إبراهيم وحواره مع أبيه :”إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً”(مريم/42-45).
لاحظ هذه الكلمة أخي المسلم البار بوالديك. “يا أبتِ”: نداؤه لأبيه كان في غاية اللطف حيث لم يدعه باسمه الصريح، بل دعاه بعنوان الأبوة المشعر بالاحترام والتقدير، وناداه بـ: (يا) للتدليل على علو منزلته وبعد مكانته. وقال يا أبت ولم يقل يا أبي لأن التاء المفتوحة دليل علي تعظيم المنادي.
فليس من الأدب أن ينادي الولد أباه باسمه أو كنيته، “وإذا كان الأب يتأذى من ذلك ويكرهه فهو من العقوق “وقد أمر الله تعالى الولد بمخاطبة أبويه خطاب التوقير والاحترام، فقال: “وَقُلْ لَهُما قَوْلًاً كَرِيماً” .قال القرطبي رحمه الله :”قَوْلًا كَرِيماً” أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا ،مِثْلَ: “يَا أَبَتَاهُ وَيَا أُمَّاهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا وَيُكَنِّيَهُمَا” أهـ (تفسير القرطبي10/ 243).
وذكر البخاري في “:بَابُ لَا يُسَمِّي الرَّجُلُ أَبَاهُ وَلَا يَجْلِسُ قبله ولا يمشى أمامه” عن أبي هريرة رضي الله عنه :”أنه أَبْصَرَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ: “لِأَحَدِهِمَا مَا هَذَا مِنْكَ؟،فَقَالَ أَبِي فَقَالَ: “لَا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلَا تمش أمامه، ولا تجلس قبله”(البخاري في “الأدب المفرد).
أخي المسلم البار بوالديه :
:”بروا أباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم “(الترمذي).فما قاله إبراهيم لأبيه وما فعله من تلطف ووقار سمعه من ولده إسماعيل قولاً وفعلاً قال تعالى :”يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”(الصافات/102).فيا له مِن نداء خالد: “يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ”، يحتاج كل مسلم لإحيائه في نفسه وفي مجتمعه، عسى الله أنْ يرى مِن قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا ما يُفَرِّج به عنا الشدائد، ويجعل لنا العاقبة والثناء.
عباد الله: “احذروا من تعدي حدود الله.. وأدوا الحقوق قبل أن تؤخذ يوم القيامة من أعمالكم .
فيامن تشرب الخمر والمسكرات لا نقول لك “اذبح ولدك” ولكن اذبح حب هذه المحرمات من قلبك.. ويا من تأكل الربا وتحارب الله ورسوله لا نقول لك:” اذبح ولدك” ولكن اذبح تعاملك بالربا وتعامل بالحلال وكف حربك مع الله ورسوله فإنك الخاسر لا محالة .
ويا تاركاً للصلاة ومانعاً للزكاة لا نقول لك اذبح ولدك ولكن أقم فرض الله وركنا دينك ..
ويا عاقاً لوالديه وقاطعاً لرحمه لا نقول لك: “اذبح ولدك “ولكن صل رحمك وبر والديك ففي ذلك النجاة.
ويامن تأكل أموال الناس بالباطل وتستولي علي حقوق غيرك وتأكل ميراث أقاربك ونسيت بأن هناك رب مطلع علي جميع أعمال العباد لا نقول لك: “اذبح ولدك” ولكن تب إلى الله ورد المظالم والحقوق إلي أهلها.
يا ظالما لزوجتك وأولادك وجيرانك وتؤذي المسلمين بفعلك ولسانك لا نقول لك: “اذبح ولدك” بل تب إلي الله وكف عن الظلم والأذى”.
يا من تصر على المعصية طوال أيامه لا نقول لك: “اذبح ولدك” ولكن فقط تب إلى الله واذبح حب المعصية فى قلبك.. يا كل هؤلاء وغيرهم: “كل شيء فى سبيل مرضات الله يهون” فهي دعوة إلى أن نهيئ أنفسنا للتضحية”
عباد الله. أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم..
الحمد لله رب العالمين الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان سيدنا محمداً عبده ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فيا عباد الله..
فالمسلم الذي يحافظ على صلاته في وقتها هذه تضحية، والموظف الذي يؤدي وظيفته بأمانة وإتقان هذه تضحية، والعامل الذي يعمل بإخلاص ولا يغش هذه تضحية، والطبيب الذي يخدم الإنسان بعلمه هذه تضحية، والتاجر الصادق الأمين الذي لا يغالي على الناس هذه تضحية والزوج الذي يعمل ليعف نفسه وأهله هذه تضحية، والزوجة التي تطيع زوجها وتقوم على خدمته هذه تضحية، والولد الذي يعمل جاهداً على إرضاء أبويه هذه تضحية، والمسلم الذي يعفو ويسامح الآخرين هذه تضحية. وكل مسلم يقدم خدمة لله ولمجتمعه ولأمته فهذه تضحية.. والأم التي فقدت ولدها فصبرت وتذرعت بالصبر وحسبته عند الله وأن الله استرجع امانته فتلك تضحية، والمسلم الذي يتمسك بهدي رسول الله صلي الله عليه وسلم ويعلم أن يوم العيد يوم فرح وتهان وسرور وتزاور للأحياء وليس للأموات وأن الإسلام نهي عن تجديد الأحزان فلا زيارة للمقابر يوم العيد فهذه تضحية عظيمة..
عباد الله:” أين من يسلك طريق التضحية ويسجل له موقفاً ينفعه هناك في الأخرة “يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”(الشعراء/89,88).
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ بَلاَءٍ عَافِيَةً. اللَّهُمَّ آمِنْ رَوْعاتِنا، وَاسْتُرْ عَوْرَاتِنا، وَأَصْلِحْ نِيّاتِنا، وَذُرِّيّاتِنا، وَأَحْسِنْ خَواتِمَنا، يا رب العالمين
عباد الله: “أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم. وقوموا إلى رحالكم يرحمكم الله..
____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف